الأربعاء، مارس ٢٩، ٢٠٠٦

فى النسبي و المطلق

طلع علينا حملة مباخر العلمانية بآخر مستحدثات المعبد الأعظم. يقول الكاهن الأكبر:
العلمانية هى التفكير فى النسبي بالنسبي.
و فور صدور هذه التعاليم المبجلة انبرى صغار الرهبان و كبارهم فى الترنيم و تبشير جموع العامة بقرب الخلاص (من الإخوان المسلمين!!) و فى وسط الجماهير وقف شاعر نحيف اسمه أبو العلاء يتساءل عن معنى الحكمة الجديدة و كيف تتصل بما سبقها من الحكم من نوعية الفصل بين الكنيسة و الدولة و فصل الدين عن الدولة و غيرها من الحكم التى تعلى من شأن العقل و تطلق جماح التفكير.




فما كان من أبى العلاء إلا أن جلس على الأرض متربعا متفكرا.




و بعد و هلة تكلم أبو العلاء فقال:




يبدو أن الكاهن الأكبر نجح أخيرا فى فهم القطيع. فالمصريون لا يريدون فقط ألا يمسوا دينهم القديم و لكنهم على غيهم القديم ما زالوا يريدون تعظيمه و تصديره فى الشاردة و الواردة. و هكذا فالدين الجديد يعانى من الاضطهاد من العامة الذين لا يؤمنون بالعقل و لا يتبعون الكاهن و يفضلون الغيبيين من نوعية القرضاوي. أخيرا تفهم الكاهن القطيع الذى يود أن يقوده. و تأخر الكاهن فى الفهم عيب قادح فى عقله و أظن أنه مبرر كاف لعزله و لكن ما علينا.




أما النسبي الأول فهو فهم الأمور. مثلا بعض العقلاء يرى أن شرب الوراجى
لا بأس به. و أبو العلاء يرى أن الخمر لو لم تكن حراما لحرمها على نفسه خاصة منقوع الصرم المذكور. إذن طالما العقلاء مختلفون فى تقييمهم لشرب الخمر فالأمر نسبي. هنا يأتى دور النسبي الثانى فلما كانت المسألة تحتمل الخلاف بين العقلاء فالحكم عليها مجال للإختلاف أيضا. فلا معنى إذن لتحريم الخمر من حيث المبدأ.




نلاحظ هنا أن الكاهن كان حريصا ألا يأتى بذكر الشرع فى المسألة. و هذا هو التطور العظيم فى فكره فالباب مفتوح للشريعة كى تدخل حلبة النقاش طالما أنها تدخله من باب النسبي الذى لا فضل له على غيره من نسبيات العقلاء.




و هنا اعتدل أبو العلاء فى جلسته و قال:




الآن إما أن يأخذ أهل الإيمان دينهم بعيدا حفاظا على و ضعه كمطلق مهيمن لا حكم للبشر عليه و هو يحكم عليهم و هكذا نعود للحكمة القديمة من فصل الدين عن الدولة. و الأنكى أن فى القديم كان الكاهن هو من يدعو إلى إبعاد أهل الإيمان عن الدولة و الآن تحسن الوضع لأنهم هم الذين سينصرفون من عندياتهم. الحل الآخر أن يقبلوا أن الشرع هو الآخر نسبي و ساعتها حق للكاهن الأكبر أن يقيم الأفراح.




تململ أبو العلاء ثم قال:




من يهتم بالنسبي من المطلق أساسا؟





هل يعيش هؤلاء الناس فى مصر؟

هناك تعليق واحد:

abderrahman يقول...

أعتقد ان مهدي هذا الزمان هو عالم يستطيع أن يضع تصوره ومفهومه لنظام سياسي، يتفق مع روح العصر، ويتفق مع الخلفية الدينية، ومع التراث السياسي لحضاراتنا .